دكتورة كريمة الحفناوى: نتنياهو فى مهمة تاريخية وروحية من أجل حلم "إسرائيل الكبرى"

يوضح الدكتور عبد الوهاب المسيرى فى موسوعته الكبرى "اليهود واليهودية والصهيونية" أن فكرة إسرائيل الكبرى تبناها تيودور هرتزل الصهيونى وطرحها فى كتابه "الدولة اليهودية" الذى نُشِر عام 1896، وحدد أن هذه الدولة من النيل إلى الفرات. 

وفى أواخر عام 1897 طرح هرتزل فكرته، وقام بالترويج لها فى مؤتمر بفيينا بالنمسا، لتكون إطاراً مرجعياً لحركة سياسية، تستهدف إقامة "دولة يهودية" فى قلب فلسطين، واستندت الحركة الصهيونية إلى هذه الفكرة العنصرية، وبدأت فى تجميع اليهود من دول العالم للذهاب إلى "أرض الميعاد"، ولتحقيق الهدف المنشود.

وبعد وعد بلفور (2 نوفمبر 1917) بدأت العصابات الصهيونية فى ارتكاب جرائم وحشية وإرهابية، لطرد الشعب الفلسطينى من أرضه التاريخية، وتسليمها إلى جماعات يهودية بشرية، تم دفعها للهجرة إلى فلسطين من مختلف بلدان العالم.

واستطاعت الحركة الصهيونية تحقيق أهدافها، بدعم ومساندة القوى الاستعمارية الغربية صاحبة المصلحة فى زرع عضو غريب (نبت شيطانى فى غير أرضه)، فى جسد الأمة العربية، لأداء دور وظيفى فى خدمة المصالح الاستعمارية، التى تقوم على الهيمنة على الدول ونهب ثرواتها.

وفى عام 2018 أصدر الكنيست الإسرائيلى قانون بإسم "الدولة القومية" للشعب اليهودي والذى يساعد على تحقيق حلم الدولة اليهودية ،بالتطهير العرقى للشعب الفلسطينى.

وقبل طوفان الأقصى وقف نيتانياهو رئيس وزراء الكيان الصهيونى، فى سبتمبر 2023 فى الأمم المتحدة ليعرض خريطة لإسرائيل الكبرى من النيل إلى الفرات وتضم أجزاء من مصر والأردن وسوريا ولبنان والعراق والسعودية.

وبدأ الكيان الصهيونى فى العدوان على قطاع غزة بعد طوفان الأقصى فى السابع من أكتوبر 2023، لتنفيذ مخططه بمساندة الدول الاستعمارية الكبرى وفى مقدمتها الولايات المتحدة الأمريكية بالسلاح والاستخبارات والجنود والأموال، وذلك بالإبادة الجماعية والتجويع والتهجير القسرى وتدمير مقدرات الحياة فى قطاع غزة، وحصار القطاع ومنع دخول المساعدات الإنسانية لأهالى القطاع، مع إجبار 2 مليون من الفلسطينيين على النزوح من شمال القطاع إلى جنوبه فى مساحة لاتزيد عن ربع القطاع (90 كيلو متلر مربع) مع إجبار نزوح سكان مدينة غزة (800 ألف فلسطينى)، إلى جنوب محور موراج فى مساحة (42 كيلو متر مربع) على الحدود المصرية وذلك لإجبارهم على التهجير إلى سيناء المصرية، وبذلك يسيطرالكيان الصهيونى على قطاع غزة.

ولقد صرح وزير مالية الكيان الصهيونى العنصرى المتشدد بتسلئيل سموتريتش فى مؤتمر صحفى 14 أغسطس 2025، بأن الحكومة الإسرائيلية ستواصل بناء 3412 وحدة استيطانية غرب مستوطنة معاليه أدوميم، مما يجعلها تتصل بالقدس غربا، ويشكِّل خطاً يفصل شمال الضفة الغربية عن جنوبها، مع إنشاء شبكة طرق تصل المستوطنات وسكان القدس اليهود الذين يصل عددهم إلى 900 ألف يهودى، مما يساهم فى تفتيت الضفة العربية إلى كانتونات منفصلة ويقضى تماما على حلم الدولة الفلسطينية، وأضاف سموتريتش بالحرف الواحد رداً على من يطالبون بدولة فلسطينية "سنواصل البناء لندفن فكرة الدولة الفلسطينية". 

إن تصريحات وزير مالية الكيان الصهيونى، تعنى ضم الضفة الغربية وتهويد القدس وعزلها عن محيطها الفلسطينى والعربى، وطمس هويتها الحضارية، وتوسيع الاستيطان، ومصادرة الأراضى وتحويل ما تبقى من الأرض إلى مناطق معزولة محاصرة، وذلك لإجبار فلسطينى الضفة على التهجير إلى الأردن، وبذلك يسيطر الكيان الصهيونى على الضفة الغربية.

ويستمر العدو الصهيونى وبمشاركة أمريكا فى تحقيق حلمه وخلق مايسمى بالشرق الأوسط الجديد، لتكون فيه إسرائيل الدولة الكبرى المهيمنة، ويستمر فى العدوان على لبنان واحتلال خمس قرى فى الجنوب اللبنانى، وأيضا العدوان على سوريا والوصول بالقرب من دمشق، وإعلانه أنه يريد الاستيلاء على أجزاء من سوريا (جبل الشيخ والقنيطرة والسويداء) بجانب الجولان المحتلة من عام 1967، وذلك لحفظ أمنه!! .

هل بعد إعلان الكيان الصهيونى عن جديته فى تنفيذ وتفعيل خطته فى تصفية القضية الفلسطينية وإقامة "دولة إسرائيل الكبرى"، هل مازال وهم السلام مع الكيان المجرم العنصرى الاستيطانى؟، وهل هناك وهم أن الكيان سيسمح بإقامة دولة فلسطينية؟.

إننا أمام صراع وجود فإما أن تستيقظ الأمة العربية للوقوف ضد محو هويتها وتفتيتها وإضعافها والسيطرة عليها، وللدفاع عن وجودها، وإما خروج تلك الأمة من التاريخ والجغرافيا.

إن اكتفاء معظم الأنظمة العربية التابعة للسياسات الأمريكية الصهيونية بالصمت إزاء مايحدث، أو الاكتفاء بالإدانة والشجب فقط، يعنى تواطؤ هؤلاء الحكام الذى يشجع على تنفيذ المخطط.

إن الأمل فى انتفاضة الشعوب العربية وشعوب العالم الحرة الأبية للضغط على حكامها وحكوماتها من أجل:

أولا- وقف العدوان الصهيونى فوراً وإدخال المساعدات الإنسانية للشعب الفلسطينى.

ثانيا- فرض عقوبات على الكيان الصهيونى ووقف تصدير السلاح له 

ثالثا- استمرار الشعوب فى المقاطعة الاقتصادية للكيان الصهيونى والدول التى تساعده وتسانده.

رابعا- تفعيل آليات محاكمة مجرمى الحرب من الصهاينة، ومن يشاركونهم، أمام المحكمة الجنائية الدولية، على ما ارتكبوه من جرائم حرب، وجرائم ضد الأنسانية بحق الشعب الفلسطينى.

خامساً- وقف التطبيع والعلاقات الاقتصادية والتجارية والسياسية والدبلوماسية مع العدو الصهيونى.

المجد والخلود للشهداء والشفاء للجرحى والحرية للأسرى، والنصر للمقاومة والبقاء للشعوب والزوال للاحتلال، والخزى والعار للمتواطئين والمشاركين فى إبادة الشعب الفلسطينى.